يرفع الإنسان مكانته حتّى جعله من أهل البيت ، وكيف يضع المنافق فينحط إلى أسفل السافلين فتلحقه اللعنة إلى يوم الدين.
ولست متجنياً على أحد ، ولا مفتاتاً على ابن عباس حين أراه يختار من حديثي الرجلين ما يتعلق ببداية إسلام الأوّل ، وكيف هداه الله تعالى ، ومن حديث الثاني ما يتعلق بإصراره على البقاء كافراً مع روايته لحديث هرقل معه وهو ما يستدعي مبادرته إلى قبول الدين الحق ، ولكنه أخلد إلى كفره وأصرّ على عناده ، مع أنّ الدواعي إلى قبوله الإسلام أكثر ممّا كانت لدى الأوّل ، للروابط النسبية والسببية.
والآن لنقرأ ما رواه ابن عباس عن أبي سفيان وقد حدثه من فيه إلى أذنه :
حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري ، عن عبد الرزاق عن معمر ، عن الزهري : أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس : حدثني أبو سفيان بن حرب ـ من فيه إلى أذني ـ قال : انطلقت في المدّة التي كانت بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : فبينا أنا بالشام إذ جيء بكتاب من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى هرقل ، قال : وكان دحية الكلبي جاء به ، فدفعه إلى عظيم بصرى ، فدفعه إلى هرقل ، فقال هرقل : ههنا رجل من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنّه نبيّ؟ قالوا : نعم ، قال : فدعيت في نفر من قريش ، فدخلنا على هرقل ، فأجلسنا بين يديه ، فقال : أيّكم أقرب نسباً من هذا الرجل الذي يزعم أنّه نبيّ؟ قال أبو سفيان : قلت : أنا ، فأجلسوني بين يديه ، وأجلسوا أصحابي خلفي ، ثمّ دعا بترجمانه ، فقال : قل لهم إنّي