وإحدى تلك الأصعدة هي الاشراف والاحاطة التامة على المجريات والاتفاقات التي تحيط بالمحدّثين الذين تصدّوا لمسألة تدوين الحديث ، وكانوا يسيرون على منهج السلطة السياسية الحاكمة. والامام عليهالسلام ـ مع العلم بأن هؤلاء لم يستسلموا لحاكمية القرآن ، وقد تمرّدوا على الفهم الصحيح للايات وتهربوا منه ـ بادر إلى ذكر وبيان أحاديث لزوم حاكمية القرآن وأبدى الملاحظات والنقاط الدقيقة والأساسية في هذا المجال.
والصعيد الآخر الجدير بالاهتمام في إفصاح هذه الطبقة من الروايات هو الاحاطة اللازمة والدقيقة علىٰ ملابسات القصّاصين والأنظمة المزوّرة في وضع الأحاديث والأخبار ، والامام عليهالسلام أيضاً ومع التحري والدّقة في كيفية تهاجم الخصوم لتحريف السنة النبوية عن مسارها والقائها في التيه ، بادر إلى بيان هذه الأخبار ، وذلك لأنه لا يوجد سبيل لمواجهتهم سوى القرآن ، بل القرآن هو الحاكم الوحيد لفصل النزاع ، وهو الوحيد الذي يمكنه أن يحلَّ العقدة من هذه المعضلة ، وأن يحرّر وينقذ المعارف الدينيّة والحقائق الشرعية من الزيغ والإنحراف والضلال.
وكما ذكرنا فيما سبق فإنه ينبغي أن لا يقع تباين بين السنة والكتاب ، وأن لا توجد بينهما مخالفة أو مناقضة.