علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس من أجود الطرق ، وقد اعتمد عليها البخاري ، ورواية جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس غير مرضية ، وابن حريج ـ كذا والصحيح ابن جريرـ في جمعه لم يقصد الصحة ، وإنّما روى ما ذكر في كلّ آية من الصحيح والسقيم ، ورواية الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس أوهى طرقه ، فإن انضم إلى ذلك رواية محمد بن مروان السدي الصغير فهي سلسلة الكذب ، إلى كثير من أمثال ذلك.
وقد روي من طرق ابن عبد الحكم ، قال : سمعت الشافعي يقول : ( لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلاّ شبيه بمائة حديث ) (١) ، فإن صح هذا دلّنا على مقدار ما كان يختلق الوضاعون ، وإلى أيّ حدّ بلغت جرأة الناس على الإختلاق.
ومن أدلّة الوضع أنّك ترى روايتين نقلتا عن ابن عباس أحياناً وهما متناقضتان ، لا يصح أن تنسبا إليه جميعاً.
فترى في ابن جرير مثلاً عند تفسير قوله تعالى : ( فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً ) (٢) ، عن معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قال : ( إنّما هو مثل ، قال : قطّعهنّ ثم اجعلهن في أرباع الدنيا ، ربعاً ههنا ، وربعاً ههنا ، ثم أدعهن يأتينك سعياً ... ) ، وقال بعد قليل : حدثنا محمد بن سعد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمير ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : ( ( فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ) ، صرهنّ ، أوثقهنّ ... الخ ). فهو يفسّر
____________________
(١) الإتقان ٢ / ٢٢٥.
(٢) البقرة / ٢٦٠.