عضّوا عليه بالنواجذ )!
فقد قال ابن الأمير في ( سبل السلام ) : ( وأمّا حديث ( عليكم بسنتي ... ) ونحوه ، فليس المراد بسنة الخلفاء الراشدين إلاّ طريقتهم الموافقة لطريقته صلى الله عليه وآله وسلم ، فإنّ الحديث عام لكلّ خليفة راشد لا يخص الشيخين ، ومعلوم من قواعد الشريعة أنّه ليس لخليفة راشد أن يشرع طريقاً غير ما كان عليه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ) (١).
لهذا كان ابن عباس رضي الله عنه يقول الحقيقة ما وسعه الحال ، ويتقي ممن لا يأمن شرّه ، وكان كذّب عليه من لا حريجة له في الدين.
فقد روى عبد الرزاق في ( المصنف ) : ( عن معمر ، عن ابن طاووس ، عن أبيه ، قال : قال رجل لابن عباس : الحمد لله الذي جعل هوانا على سواك ، فقال : إنَّ الهوى كلّه ضلال ) (٢).
وهذا الخبر فيه تحريف أحسبه من ابن طاووس لأنّه كان هواه مع الأمويين كما مر لأنّه قد رواه الشاطبي في ( الإعتصام ) نقلاً عن الثوري : ( إنّ رجلاً أتى ابن عباس رضي الله عنه فقال : أنا على هواك ، فقال له ابن عباس : الهوى كلّه ضلال ، أي شيء أنا على هواك ) (٣). ولم يرد ابن عباس بقوله : ( الهوى كلّه ضلال ) ، إلاّ ما ذكر الله تعالى في كتابه في ذم الهوى نحو قوله تعالى : ( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ ) (٤) ، ونحو ذلك من الآيات وفي أيام الحكم الأموي حين تعالت
____________________
(١) سبل السلام ٢ / ١١.
(٢) المصنف ١١ / ١٢٦.
(٣) الاعتصام ٣ / ٢٥.
(٤) القصص / ٥٠.