وهذا العتاب الخفيف ربما أنبأ عن تأنيب مخيف. فإن لم يفصح به المنصور فقد أفصح عنه حفيده الرشيد بعد ذلك ، حين قال له : ( لم نر في كتابك ذكراً لعليّ وابن عباس؟ فقال : لم يكونا ببلدي ولم ألق رجالهما )!! وهذا من تافه الأعذار.
ولست أدري لماذا أحجم مالك عن جواب الرشيد بما أجاب به جدّه المنصور؟! ثم هو قد ذكر عليّاً عليه السلام وابن عباس ، وإن كان كلّ ما ذكره لو قسنا ما رواه عنهما معاً مع ما رواه عن ابن عمر ، لكان لافتاً للنظر ، فإنّه روى عن عليّ عليه السلام في الإحصائية السالفة خمس روايات بعضها بنحو البلاغ!
ومع ذلك فقد قدّم عليه ابن عمر ، كما في كتاب الحج ( الأضحية عمّا في بطن المرأة وذكر أيام الأضحى ) : عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنّه قال : الأضحى يومان بعد يوم الأضحى ، قال مالك : وبلغني عن عليّ بن أبي طالب مثل قول عبد الله هذا (١).
وكان أشد نقد موّجه منه ـ من الشافعي لمالك ـ أنّه ترك قول ابن عباس في مسألة إلى قول عكرمة ، مع أنّ مالك كان يسيء القول في عكرمة ، ولا يرى لأحد أن يقبل حديثه!
قال الشافعي : ( والعجب أن يقول في عكرمة ما يقول ، ثم يحتاج
____________________
(١) الموطأ برواية ابن زياد / ١٢٠ ط تونس ، والموطأ برواية يحيى بن يحيى الليثي بشرح تنوير الحوالك للسيوطي٢ / ٤٨٧. وشرح الزرقاني على الموطأ ٣ / ٣٩٠ بتحقيق إبراهيم عطوه عوض.