فلاحاجة لهم إلى التعديل ) (١).
ولا دليل على هذا الرأي ، والواقع الخارجي مليء بالأدلة والشواهد النافية لعدالة بعض أو كثير من الصحابة.
وإذا تتبعنا سيرة الصحابة نجدهم لا يتبنّون هذا الرأي ، بل يتثبتون في الحكم على بعضهم البعض جرحاً أو تعديلاً ، وكان بعضهم يجوّز الفسق على نفسه أو على غيره ، والاَمثلة على ذلك مستفيضة. وقد تكرر بحثه والاشارة إليه مراراً.
ذهب جماعة إلى تجويز المعصية على الصحابة ، ولكنهم توقفوا في البحث عن عدالتهم وطلب التزكية لهم ، ونسب هذا الرأي إلى ابن الأنباري وغيره ، حيث قالوا : ( وليس المراد بكونهم عدولاً : العصمة واستحالة المعصية عليهم ، إنّما المراد أن لا نتكلّف البحث عن عدالتهم ولا طلب التزكية لهم ) (٢).
وهذا الرأي غير تام ، فلو جوزنا على الصحابة المعصية ، فإنّ هذا يستلزم البحث عن عدالتهم وطلب التزكية لهم ، لمعرفة العادل منهم والفاسق ، وهذه المعرفة ضرورية لتحديد معالم الدين في التفسير وفي السُنّة ، وتشخيص صحة الرواية بلحاظ رواتها ، وهي ضرورية في كتابة التاريخ وأخذ العبر والتجارب منه ، وقد ألفت الكتب في الجرح والتعديل
__________________
(١) المستصفى ، للغزالي ٢ : ٢٥٧ ـ المدينة المنورة ١٤١٣ ه.
(٢) شرح الكوكب المنير ٢ : ٤٧٧ في الهامش هذا القول لابن الانباري وغيره.