بالله تعالى.
ومثل ذلك ما قاله محمد بن إسحاق ، كما حكى عنه البيهقي : ( وكل من نازع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إمارته فهو باغ ) ، وأضاف البهيقي : ( على هذا عهدت مشايخنا وبه قال ابن إدريس الشافعي ... ثم لم يخرج من خرج عليه ببغية عن الإسلام ) (١).
وغاية ما يستدل بهذا القول : إنّ الباغين على الإمام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام لم يخرجوا عن الإسلام ، وعدم الخروج عن الإسلام لا يستلزم العدالة.
إنّ عدالة جميع الصحابة لم تثبت حسب موازين الجرح والتعديل ، فقد ارتكب بعضهم أفعالاً ظاهرة الانحراف والفسق ، ومن أجل الحفاظ على نظرية عدالة الجميع ، ذهب جمهور من علماء العامّة إلى ضرورة تأويل مواقفهم بما ينسجم مع القول بالعدالة.
قال ابن حجر الهيتمي : ( إعلم أنَّ الذي أجمع عليه أهل السُنّة والجماعة أنّه يجب على كلِّ مسلم تزكية جميع الصحابة بإثبات العدالة لهم ، والكفّ عن الطعن فيهم ... والواجب أن يلتمس لهم أحسن التأويلات ، وأصوب المخارج ، إذ هم أهل لذلك ) (٢).
ولهذا أوّلوا ما ارتكبه بعض الصحابة من معاصي وإن كانت من الكبائر ،
__________________
(١) الاعتقاد على مذهب السلف ، للبيهقي : ٢١٩ دار الكتب العلمية ـ بيروت ١٤٠٦ ه ط ٢.
(٢) الصواعق المحرقة : ٣٢٥.