الذين عاصروا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وإن أسلموا فيما بعد ، أو ارتدّوا ثم عادوا إلى الإسلام ، حسب تعريفهم للصحابة ، وبهذا الرضوان كانوا عدولاً (١).
وهذا الاستدلال خلاف للواقع ، فالآية مختصّة بالمهاجرين والأنصار الذين سبقوا غيرهم في الهجرة والنصرة ، من غير « الذين في قلوبهم مرض » و « المنافقين » أمّا التبعية لهم فمشروطة بالاِحسان ، سواء فُسِّر باحسان القول فيهم كما ذهب الفخر الرازي (٢) ، أو حال كونهم محسنين في أفعالهم وأقوالهم ، كما قال المراغي : ( فإذا اتّبعوهم في ظاهر الإسلام كانوا منافقين مسيئين غير محسنين ، وإذا اتّبعوهم محسنين في بعض أعمالهم ومسيئين في بعض كانوا مذنبين ) (٣).
فمن لم يحسن القول فيهم أو من لا يتبعهم بإحسان لا يكون مستحقاً لرضوان الله تعالى ، فمن أمر بشتم الإمام عليّ عليهالسلام وذمه لا تشمله الآية ، فقد جاء في وصية معاوية للمغيرة بن شعبة : ( لا تترك شتم عليّ وذمّه ) ، فكان المغيرة ( لا يدع شتم عليّ والوقوع فيه ) (٤).
فكيف يدّعون رضوان الله عنهم وقد خالفوا شرطه في الاتّباع بإحسان ، وخرجوا على أول المؤمنين ووصي رسول رب العالمين ، أو من استقرت له الخلافة ببيعة أهل الحل والعقد حسب رأيهم ، وسفكوا في هذا الخروج دماء السابقين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان
__________________
(١) الكفاية في علم الرواية : ٤٦. والاصابة ١ : ٦. وشرح الكوكب المنير ٢ : ٤٧٢.
(٢) التفسير الكبير ١٦ : ١٧٢.
(٣) تفسير المراغي ١١ : ١١.
(٤) الكامل في التاريخ ٣ : ٤٧٢.