وتابعه ابن حجر العسقلاني مستشهداً برأيه (١) ، ولهذا ادّعوا عدالة جميع الصحابة كما هو المشهور في تعريفهم للصحابي.
وهذا الادّعاء غير صحيح ، فرضوان الله وسكينته مختصة بالمبايعين الموصوفين بما ذكرناه فقط ، أمّا غيرهم فخارج عن ذلك ، ولأن سبب البيعة هو وصول الخبر بمقتل عثمان من قبل المشركين بعد أن أرسله صلىاللهعليهوآلهوسلم مبعوثاً عنه إلى قريش، فدعا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى البيعة على قتال المشركين (٢) ، وهؤلاء المشركون هم الذين أسلموا فيما بعد وأصبحوا من الصحابة ، فكيف يشملهم رضوان الله وسكينته ، وهم السبب الأساسي في الدعوة إلى البيعة ، فكيف يُعقل أن يكون رضوان الله شاملاً للمبايعين وللمراد قتالهم في آن واحد ؟!
وإضافة إلى ذلك فإنّ الأجر المترتب على البيعة موقوف على الوفاء بالعهد ، كما جاء في الآية الكريمة : ( إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ) (٣) ، فرضوان الله وسكينته مشروطة بالوفاء بالعهد وعدم نكثه (٤).
وكل ذلك مشروط بحسن العاقبة كما في رواية البراء بن عازب المتقدِّمة ، ولم تمضِ على البيعة إلاّ أيام معدودة حتى عقد رسول
__________________
(١) الكفاية في علم الرواية : ٤٦. والإصابة ١ : ٦ ـ ٧.
(٢) السيرة النبوية ، لابن هشام ٣ : ٣٣٠.
(٣) سورة الفتح ٤٨ : ١٠.
(٤) الكشّاف ٣ : ٥٤٣. ومجمع البيان ٥ : ١١٣. وتفسير القرآن العظيم ٤ : ١٩٩.