الله صلىاللهعليهوآلهوسلم معاهدة الصلح في الحديبية ، فدخل الشك والريب قلوب بعض الصحابة حتى خالفوا أوامر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلم يستجيبوا له حينما أمرهم بالحلق والنحر (١) إلاّ بعد التكرار وقيامه بنفسه بالحلق والنحر ، وهذا يدّل على أنّ لحسن العاقبة دوراً كبيراً في الحكم على البعض بالعدالة وعدمها ، فرضوان الله تعالى إنّما خصص بالبيعة ، ولا دليل لشموله لجميع المراحل التي تعقب مرحلة البيعة ، فمثلاً أنّ قاتل عمّار بن ياسر في صفين كان من المبايعين تحت الشجرة (٢). وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في عمّار : « قاتِلهُ وسالبه في النار » (٣)، وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ويح عمّار تقتله الفئة الباغية ، عمّار يدعوهم إلى الله ، ويدعونه إلى النّار » (٤).
الآية الثامنة : قال الله تعالى : ( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا ... وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) (٥).
وصف الله تعالى رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه بأنّهم أشداء على الكفار رحماء بينهم ، عرفوا بالركوع والسجود وابتغاء الفضل والرضوان من الله ، ووعد تعالى المؤمنين منهم والذين عملوا الصالحات مغفرة وأجراً عظيماً.
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٥٥. والكامل في التاريخ ٢ : ٢٠٥.
(٢) الفصل في الأهواء والملل والنحل ٤ : ١٦١.
(٣) سير أعلام النبلاء ١ : ٤٢٠ ـ ٤٢٦. والطبقات الكبرى ٣ : ٢٦١. واُسد الغابة ٤ : ٤٧. وكنز العمّال ١٣ : ٥٣١ / ٧٣٨٣. ومجمع الزوائد ٩ : ٢٩٧ وقال : رجاله رجال الصحيح.
(٤) صحيح البخاري ٤ : ٢٥. وبنحوه في العقد الفريد ٥ : ٩٠. والكامل في التاريخ ٣ : ٣١٠.
(٥) سورة الفتح ٤٨ : ٢٩.