« يا معشر المسلمين ، الله الله ، أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم الله للإسلام وأكرمكم به ، وقطع به عنكم أمر الجاهلية ، واستنقذكم به من الكفر ، وألَّف به بين قلوبكم » فعرف القوم أنّها نزعة من الشيطان وكيد من عدّوهم ، فبكوا وعانق الرجال من الأوس والخزرج بعضهم بعضاً (١).
فلولا الاسراع في حل الأزمة لحدث القتال ولبقيت آثاره قائمة ، حدث ذلك ورسول الله بين أظهرهم ، فكيف يكون الوضع لو لم يكن معهم كما حدث بعد رحيله !
وفي أحد الأماكن ازدحم على الماء أحد المهاجرين وأحد الأنصار ، فصرخ أحدهم : يا معشر المهاجرين ، وصرخ الآخر ، يا معشر الأنصار ، وكادت تحدث الفتنة لولا تدخل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في تجاوزها وإشغال المسلمين بالمسير لمدة يومين (٢).
وقد خالف خالد بن الوليد المهمة التي كُلِّف بها ، وهي الدعوة السلمية إلى الإسلام ، وقام بقتل جماعة من بني جذيمة ثأراً لعمّه المقتول في الجاهلية ، وحينما سمع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعمل خالد رفع يديه إلى السماء ثم قال : « اللّهمَّ إنّي أبرأُ إليك ممّا صنع خالد » (٣).
كثر الكذب على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حياته ، وقد حذّر صلىاللهعليهوآلهوسلم الصحابة
__________________
(١) السيرة النبوية ، لابن هشام ٢ : ٢٠٤ ـ ٢٠٥.
(٢) السيرة النبوية ، لابن هشام ٣ : ٣٠٣. والطبقات الكبرى ، لابن سعد ٢ : ٦٥.
(٣) صحيح البخاري ٥ : ٢٠٣. وتاريخ اليعقوبي ٢ : ٦١. وتاريخ الطبري ٣ : ٦٧. والكامل في التاريخ ٢ : ٢٥٦.