ولكنّ المهم أنْ ترى أن الذين فروا في أُحد ، وقعدوا في الخندق ، وخالفوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في غير موضع ، أخذوا يجاهرون بالمخالفة مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في قراراته المصيرية الحاسمة :
أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أغلب المهاجرين والأنصار بالتوجه إلى غزو الروم تحت إمرة أُسامة بن زيد ، وكان على رأسهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة وآخرون (١) ، فطعنوا في إمارته وتثاقلوا حتى قام بهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خطيباً وقال : « إن تطعنوا في إمارته ، فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبله ، وأيم الله لقد كان خليقاً للإمارة » (٢).
وتثاقل كثير من الصحابة ولم يلتحقوا باُسامة ، وعصوا أوامر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى أغضبوه فأمرهم ثانية وثالثة حتى لعن المتخلفين وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « جهزوا جيش أُسامة ، لعن الله من تخلّف عنه » (٣).
وفي رواية أنّه قال : « جهزوا جيش أسامة ، أنفذوا جيش أُسامة ، أرسلوا بعث أسامة ، لعن الله من تخلّف عنه » (٤).
وعند قرب وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عاد أُسامة ومعه الجيش ينتظرون مصيره صلىاللهعليهوآلهوسلم وحينما علم بهم أمر أُسامة بالخروج وتعجيل النفوذ وجعل
__________________
(١) الكامل في التأريخ ٢ : ٣١٧.
(٢) صحيح البخاري ٥ : ١٧٩. وآفة أصحاب الحديث : ١٢. والكامل في التأريخ ٢ : ٣١٧. وبنحوه في الطبقات الكبرى ، لابن سعد ٢ : ١٩٠. وتاريخ اليعقوبي ٢ : ١١٢.
(٣) الملل والنحل ، للشهرستاني ١ : ٢٩. وشرح نهج البلاغة ٦ : ٥٢.
(٤) آفة أصحاب الحديث : ١٢.