عزل الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام أغلب ولاة عثمان بن عفان ، وحينما أشار عليه المغيرة بن شعبة بإبقاء معاوية قال عليهالسلام : « لا أُداهن في ديني ، ولا أعطي الدنيَّة في أمري » (١) ، فكان يرى إبقاء معاوية في ولايته مداهنة في الدين ، ولذا عزله بعد أن يئس من رجوعه إلى الطاعة.
وقد كتب إليه عدة كتب يدعوه فيها إلى الطاعة ، ويبيّن له غيّه ومساوءه ، جاء في أحدها قوله عليهالسلام : « وأرديت جيلاً من النّاس كثيراً ، خدعتهم بغيِّك ، وألقيتهم في موج بحرك ، تغشاهم الظلمات ، وتتلاطم بهم الشبهات ، فجاوزوا عن وجهتهم ، ونكصوا على أعقابهم .. فاتق الله يا معاوية في نفسك ، وجاذب الشيطان قيادك .. » (٢).
وكتب عليهالسلام إليه أيضاً : « فسبحان الله ! ما أشدَّ لزومك للأهواء المبتدعة ... فإمّا إكثارك الحِجاجَ على عثمان وقتلته ، فإنّك إنّما نصرت عثمان حيثُ كان النصر لك ، وخذلته حيثُ كان النّصر له » (٣) ، فقد بيّن له أنّه اتخذ دم عثمان وسيلة لينتصر بها ، حيثُ إنّه لم ينصره في حياته.
وحينما أراد معاوية استمالة عمرو بن العاص إلى جانبه استشار الأخير ابنيه عبدالله ومحمداً ، فقال له عبدالله : ( .. فإنّك إنّما تفسد دينك بدنيا يسيرة تصيبها مع معاوية فتضجعان غداً في النار ) ، وقال ابنه محمد : ( بادر هذا الأمر ) وقال له مولاه وردان : ( اعترضت الدنيا والآخرة على قلبك ، فقلت : عليّ معه آخرة بلا دنيا ، ومعاوية معه دنيا بلا آخرة ، وليس في
__________________
(١) الكامل في التاريخ ٣ : ١٩٧.
(٢) نهج البلاغة : ٤٠٦ الكتاب ٣١.
(٣) نهج البلاغة : ٤١٠ الكتاب ٣٧.