يُعدّ أصلاً بالنظر إلىٰ ترتيب غيره عليه فيكتسب بذلك المرتبة الرفيعة ; فكذلك يُعدّ أصلاً بالنظر إلىٰ حفظ ذلك الأصل عن الذهاب وإحرازه عن العدم وما عسىٰ أن ينتفع بذلك الاصل مع غموضه وعدمه ، فلا يوجد حينئذٍ توحيد ولا شريعة ولا مرتبة من ذلك رفيعة ولا وضيعة ، وإذا كان ما ترتّب عليه غيره حقيقاً بالأصليّة فكيف بما حاجة وجود هذا الأصل ونظام أمره إليه ماسّةٌ ضرورية ، فافهم !
فإنّ أساس ذلك ورأسه عِظَمُ أمر الإمامة أو عدم عظمه ، فمن عَظُمَ في صدره شأنُها وولج في ذهنه ما ذكرنا من الدليل الذي استعلىٰ به بنيانها جَعَلها أصلاً قطعيّاً وركناً للدين قويّاً ، وذلك هم أئمتنا عليهماالسلام وشيعتهم الأعلام.
لكن منهم من جعلها من فروض العلماء فقط ومنهم من رقّاها إلىٰ درجة فروض الأعيان ، بل من أهل هذا القول من جعلها أصلاً من أُصول الدين ، ولذا جعلوا معرفةَ إمامة عليٍّ عليهالسلام وولديه الحسنين خصوصاً ومعرفة إمامة القائم بعدهما عموماً من فروض الأعيان ، ووجه خصوصية إمامة علىٍّ وولديه كون معرفة أحوال الإمام مترتبةٌ علىٰ معرفة إمامتهم ، والله أعلم.
ومن صَغر عنده أمرُ الإمامة وسَهَّل في
جانبها ، جعلها حكماً ظنيّاً ، حتّىٰ تفاحش الأمر علىٰ من وقع في تلك الورطة فجعل كلَّ مجتهدٍ ـ فيها ـ مُصيباً وصوّب ( ... ) معاوية وعليّاً معاً ، وزاد في الفحش من أنكر حكم وجوبها وترك الجماعة فوضىٰ شايعاً فيها قبيح عيوبها وجنح إلىٰ التسهيل في باب