روى الزبير بن بكار في ( الموفقيّات ) (١) عن عبد الله بن عباس ، قال : ( خرجت أريد عمر بن الخطاب ، فلقيته راكباً حماراً قد أرتسنه (٢) بحبل أسود ، في رجليه نعلان مخصوفتان ، وعليه أزار وقميص صغير ، وقد أنكشفت منه رجلاه إلى ركبتيه ، فمشيت إلى جانبه وجعلت أجذب الأزار وأسوي عليه ، كلّما سترت جانباً انكشف جانب ، فيضحك ويقول : إنّه لا يطيعك ، حتى جئنا العالية (٣) فصلّينا ، ثم قدم بعض القوم إلينا طعاماً من خبز ولحم ، وإذا عمر صائم ، فجعل ينبذ إليّ طيّب اللحم ويقول : كل لي ولك ، ثم دخلنا حائطاً فألقي إليّ رداءه وقال أكفنيه ، وألقى قميصه بين يديه وجلس يغسله وأنا أغسل رداءه ، ثم جففناهما وصلينا العصر ، فركب ومشيت إلى جانبه ولا ثالث لنا ، فقلت : يا أمير المؤمنين إنّي في خطبة فأشر عليَّ.
قال : ومن خطبت؟
قلت : فلانة ابنة فلان.
قال : النسب كما تحبّ وكما قد علمت ، ولكن في أخلاق أهلها دقة
____________________
(١) لم يذكر في المطبوع فعلا من الموفقيات وقد استدركت على المحقق لها عدة نصوص ضائعة فاتته الإشارة إليها ، كان منها هذا مع ان المتقي الهندي في كنز العمال أخرجها عن الموفقيات.
(٢) أرتسنه : جعل له رسنا ، وهو ما يوضع في رأس الدابة.
(٣) ناحية من نواحي المدينة وتسمى اليوم بالعوالي.