قال : فزبره عمر وانتهره ، فانصرف ابن عباس. فنظر فيما قال فعرفه ، فأرسل إليه ، وقال : أعد علي ما قلت ، قال : فأعاده عليه ، فعرف عمر قوله ، وعلم أنّه الحق فأعجبه ذلك القول ) (١).
أخرج محمد بن حبيب في ( أماليه ) ، قال : وقد روي عن ابن عباس أيضاً ، قال :
( دخلت على عمر يوماً ، فقال : يابن العباس لقد أجهد هذا الرجل نفسه في العبادة حتى نحلته رياءً؟!
قلت : مَن هو؟
فقال : هذا ابن عمك ـ يعني عليّاً ـ.
قلت : وما يقصد بالرياء يا أمير المؤمنين؟
قال : يرشح نفسه بين الناس بالخلافة.
قلت : وما يصنع بالترشيح ، قد رشّحه لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصُرفت عنه.
قال : انّه كان شاباً حدثاً فاستصغرت العرب سنّه ، وقد كُمل الآن ، ألم تعلم أنّ الله تعالى لم يبعث نبيّاً إلاّ بعد الأربعين؟
قلت : يا أمير المؤمنين أمّا أهل الحجى والنهى فإنّهم ما زالوا يعدّونه كاملاً منذ رفع الله منار الإسلام ، ولكنهم يعدّونه محروماً مجدوداً (٢).
____________________
(١) مقامات العلماء بين يدي الخلفاء والأمراء / ١٧٥ تح محمد جاسم الحديثي.
(٢) المجدد : أي كان ذا جدّ وحظ فهو محظوظ.