فقال : أما أنّه سيليها بعد هياط ومياط (١) ، ثم تزلّ فيها قدمه ، ولا يقضي منها إربه ، ولتكونن شاهداً ذلك يا عبد الله ، ثم يتبيّن الصبح لذي عينين ، وتعلم العرب صحة رأي المهاجرين الأولين الذين صرفوها عنه بادئ بدء ، فليتني أراكم بعدي يا عبد الله ، إنّ الحرص محرمة ، وإنّ دنياك كظلك كلّما هممت به إزداد عنك بعداً ) (٢).
أقول : من الغريب أن يقول عمر : ( إنّ الله لم يبعث نبيّاً إلا بعد الأربعين )! فكيف يقول في عيسى بن مريم ، ويحيى إبني الخالة عليهما السلام؟ وأغرب من ذلك عدم ردّ ابن عباس عليه!! ولعلّ رواة السوء حذفوا ما لم يوافق هواهم كما مرّ عن أبي الفرج الأصفهاني ، فراجع الإحتجاج رقم (٦) لها ، وعن ثعلب في المحاورة رقم (١٠).
أخرج ابن جرير الطبري في تاريخه ، قال :
( حدثني عمر ، قال : حدثنا علي ، قال حدثنا أبو الوليد المكي ، عن رجل من ولد طلحة ، عن ابن عباس ، قال : خرجت مع عمر في بعض أسفاره ، فإنّا لنسير ليلة ، وقد دنوت منه ، إذ ضرب مقدم رحله بسوطه ، وقال :
كذبتُم وبيت الله يقتلُ أحمدٌ |
|
ولمّا نطاعن دونه ونناضل |
____________________
(١) يقال هم في هياط ومياط : أي في اضطراب ومجئ وذهابه.
(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٣ / ١١٥ ط مصر الأولى.