لقيني كلّ واحد منهما يذكر من صاحبه ما لا تبرك عليه الإبل ، فعلمت أن لا سبيل إلى صلحهما بعدها ) (١).
روى الزبير بن بكار في كتاب ( الموفقيات ) عن عمه ، عن عيسى بن داود ، عن رجاله ، قال : قال ابن عباس رحمه الله : ( لمّا بنى عثمان داره بالمدينة أكثر الناس عليه في ذلك فبلغه ، فخطبنا في يوم جمعة ، ثمّ صلّى بنا ، ثمّ عاد إلى المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على رسوله ، ثمّ قال :
أمّا بعد فإنّ النعمة إذا حدثت حدث لها حسّاد حسبها وأعداء قدرها ، وإنّ الله لم يحدث لنا نعماً ليحدث لها حسّاد عليها ومنافسون فيها ، ولكنه قد كان من بناء منزلنا هذا ما كان إرادة جمع المال فيه وضم القاصية إليه ، فأتانا عن أناس منكم أنّهم يقولون أخذ فيأنا وأنفق شيأنا وأستأثر بأموالنا ، يمشون خمراً ، وينطقون سرّاً ، كأنّا غيّب عنهم ، وكأنّهم يهابون مواجهتنا ، معرفة منهم بدحوض حجتهم ، فإذا غابوا عنا يروح بعضهم إلى بعض يذكرنا ، وقد وجدوا على ذلك أعواناً من نظرائهم ، ومؤازرين من شبهائهم ، فبُعداً بُعداً ، ورغماً رغماً ، ثمّ أنشد بيتين كأنّه يوميء فيهما إلى عليّ عليه السلام :
توقّد بنار أينما كنت وأشتعل |
|
فلست ترى ممّا تعالج شافياً |
تشط فيقضي الأمر دونك أهلُه |
|
وشيكاً ولا تدعى إذا كنت نائياً |
____________________
(١) شرح النهج لابن أبي الحديد ٢ / ٣٩٩ ط مصر الأولى.