محاورات ابن عباس مع رموز الناكثين
لقد مرتّ بنا أخبار الناكثين لبيعة الإمام عليه السلام وأبرزهم ذكراً كان طلحة والزبير ، فهما أوّل المبايعين ، ثم هما أوّل الناكثين ، ولمّا كان ابن عباس قد حضر مشهد البيعة في المسجد النبوي الشريف ، ورأى طواعية البيعة من دون عسيب نخل أو سيف يحشر الناس كرهاً ، فهو لا يخفى عليه زيف إدعاء طلحة والزبير بأنّهما كان مُكرهَين ، على أنّه كان غير آمن من تخلف آخرين ، وقد مرّ بنا في الجزء الثالث من الحلقة الأولى في مبايعة المسلمين للإمام عليه السلام كثير روايات وأقوال ، كان منها قول ابن عباس : ( لمّا دخل عليه السلام المسجد وجاء الناس ليبايعوه خفت أن يتكلم بعض أهل الشنئان لعليّ من قتل أباه أو أخاه أو ذا قرابة في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيزهد عليّ في الأمر ويتركه ، فكنتُ أرصد ذلك وأتخوّفه ، فلم يتكلم أحد حتى بايعه الناس كلّهم راضين مسلّمين غير مكرهين ) (١).
لهذا كان شديد الشكيمة قوّي الحجة ، في محاوراته مع الناكثين في البصرة من قبل الحرب ، وقد مرّ ذكرها في محلها ، وكانت أيضاً له سفارات لحقن الدماء ، فنستذكر منها ما يظهر له من دور مميّز في إطفاء
____________________
(١) شرح الجهد لابن أبي الحديد ١ / ٣٤١ ، وقد مرّ في الحلقة الأولى من هذه الموسوعة ٣ / ٢٤.