ابن عباس وعائشة
لقد مرّت صفحات قرأنا فيها عرض الوقائع التاريخية التي أدّت إلى التأزم والتشنج بين ابن عباس وعائشة ، وذلك قبل أن تقوم الحرب على ساق. ولمّا قامت الحرب وأنتهت وقد قتل طلحة والزبير ، وبقيت عائشة تدير المعركة حتى إذا عُقر الجمل خسرت ربّة الجمل كثيراً من رصيدها عند ابن عباس ، بل وعند آخرين ممن تأثروا بخطبة الإمام عليه السلام التي أوضح فيها الحكم في قتال أهل القبلة ، وأنّه تحل دماء المقاتلين ولا تحل نساؤهم ، وقال فيها :
( وأمّا فلانة أدركها رأي النساء وضغن غلافي صدرها ، كمرجل القين ، ولو دعيت لتنال من غيري ما أتت إليّ لم تفعل ، ولها بعدُ حرمتُها الأولى والحساب عند الله ).
قال الشيخ محمد عبدة : ( المرجل القدر ، والقَين ـ بالفتح ـ الحداد ، أي أنّ ضغينتها وحقدها كانا دائمي الغليان ، كقدر الحداد ، فإنّه يغلي ما دام يصنع ، ولو دعاها أحد لتصيب من غيري غرضاً من الإساءة والعدوان مثل ما أتت إليّ ـ أي : فعلت بي ـ لم تفعل ، لأنّ حقدها كان عليّ خاصة ... أهـ ) (١).
____________________
(١) شرح نهج البلاغة لمحمد عبدة ٢ / ٦٣.