وهذا هو الذي أهبط رصيدها عند ابن عباس وعند غيره ، ممن عرفوها بتلك الصفة ، وبقيت في النفوس مرارة فعلها وما قامت به من سفك الدماء بغير حق ، حتى أنّ أمير الشعراء شوقي خاطب الإمام عليه السلام بقوله :
يا جبلاً تأبى الجبال ما حمل |
|
ماذا رمت عليك ربة الجمل |
أثأر عثمان الذي شجاها |
|
أم غصة لم ينتزع شجاعاً |
قضية من دمه تبنيها |
|
هبت لها واستنفرت بنيها |
ذلك فتق لم يكن بالبال |
|
كيد النساء موهن الجبال |
وإنّ أم المؤمنين لامرأة |
|
وإنّ تك الطاهرة المبرأة |
أخرجها من كنّها وسنّها |
|
ما لم يُزل طول المدى من ضغنها |
وشّر من عداك من تقيه |
|
وملتقي السلاح تلتقيه (١) |
ولقد مرّت في الجزء الثالث من الحلقة الأولى صفحات عن ابن عباس مع عائشة من بعد الحرب وما جرى بينهما من محاورات أدت إلى أنْ غلبها ابن عباس بالحجة ، ولكنّها استكانت وبكت حتى سُمع نشيجها ، فلنقرأ تلك الصفحات من جديد :
لم يبق للإمام عليه السلام أمر أهمّه إلاّ إرجاع عائشة إلى بيتها ، ولمّا كان عليه السلام
____________________
(١) دول العرب وعظماء الإسلام / ٥٤.