( عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : لمّا انقضى أمر الجمل دعا عليّ بن أبي طالب بآجرتين فعلاهما ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : ( يا أنصار المرأة ، وأصحاب البهيمة ، رغا فجئتم ، وعقر فهُزمتم ، نزلتم شرّ بلاد ، أبعدها من السماء ، بها مغيض كلّ ماء ، ولها شر أسماء ، هي البصرة والبصيرة والمؤتفكة وتدمر. أين ابن عباس؟ ).
قال : فدُعيت له من كلّ ناحية ، فأقبلتُ إليه.
فقال : ( إئتِ هذه المرأة ، فلترجع إلى بيتها التي أمرها الله أن تقرّ فيه ).
قال : فجئت فاستأذنت عليها فلم تأذن لي ، فدخلت بلا إذن ، ومددت يدي إلى وسادة في البيت فجلست عليها.
فقالت : تالله يا بن عباس ما رأيت مثلك ، تدخل بيتنا بلا إذننا ، وتجلس على وسادتنا بغير أمرنا.
فقلت : والله ما هو ببيتكِ ، ولا بيتكِ إلاّ الذي أمرك الله أن تقرّي فيه فلم تفعليّ ، إنّ أمير المؤمنين يأمركِ أن ترجعي إلى بلدكِ الذي خرجتِ منه.
قالت : رحم الله أمير المؤمنين ، ذاك عمر بن الخطاب.
قلت : نعم ، وهذا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب.
قالت : أبيتُ أبيت.
قلت : ما كان إباؤكِ إلاّ فواق ناقة بكيئة (١) ثمّ صرتِ ما تحلين ولا
____________________
(١) الفُواق ( بضم الفاء وفتحها ) : ما بين الحلبتين من الوقت ، لأن الناقة تحلب ثمّ تترك سويعة يرضعها الفصيل لتدرّ ثمّ تحلب ، والبكيئة من النوق : التي قلّ لبنها.