أقصى اليمين إلى أقصى اليسار بهذه الخفة والسرعة الخاطفة؟!! ألا قليلاً من العقل والرويّة أيّها المؤرخون العصبيون! ).
ثمّ وضع نجومه الثلاث للفاصلة ، وقال : ( ونعود ـ بعد هذه الإستجمامة المسليّة ـ إلى التاريخ الجدّ :
جهز عليّ عائشة بكلّ شيء ينبغي لها من مركب وزاد ومتاع ... ) (١)
وهنا لابدّ من وقفة عابرة معه لنحاسبه بعد أن استعاد نشاطه في تلك الإستجمامة المسليّة ، فإنّ في كلامه متناً وهامشاً مواقع للنظر! وإلى القارئ بعضاً منها :
أوّلاً : لقد ساق المحاورة موهماً قراءه أنّها نقلاً عن ابن أبي الحديد ، وأكّد ذلك في تعليقه على أوّل جملة منها ( ثمّ نادى ابن عباس ) ، فقال في الهامش ـ كما مرّ ـ : ( هكذا يريد ابن أبي الحديد نداءً وصراخاً على رؤوس الجماهير ) ، وزاد في تأكيده بذكر الجزء والصفحة ( ٢ / ٨٢ )! وهل يشك بعد هذا أحد بأنّه نقلها عن ابن أبي الحديد؟
ونحن لا نعنّي القارئ كثيراً سوى الرجوع إلى ما مرّ من نص المحاورة التي رواها ابن أبي الحديد ، وهي في مدوّنات القرن السابع ، فليقرأها بإمعان فهل يجد فيها جملة ( ثمّ نادى ابن عباس ) كما زعم الأفغاني؟ أو سيجدها تبتديء بجملة : ( بعث عليّ عبد الله بن عباس إلى
____________________
(١) عائشة والسياسة / ١٩٠.