العُمّى عن الناس وبيّن لهم السنة في ذلك عائشة رضي الله عنها : فأخبرني عروة وعمرة أنّ عائشة قالت : ( إنّي كنت لأفتل قلائد هدي النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فيبعث بهديه مقلداً وهو مقيم بالمدينة ، ثم لا يجتنب شيئاً حتى ينحر هديه ) ، فلمّا بلغ الناس قول عائشة هذا أخذوا به وتركوا فتوى ابن عباس.
قال البيهقي : وروى في هذا المعنى مسروق والأسود عن عائشة.
فإن قيل : فقد روي عن جابر خلاف ذلك.
قال الطحاوى في ( معاني الآثار ) : ثنا ربيع المؤذن ، ثنا أسد بن موسى ، ثنا حاتم بن إسماعيل ، عن عبد الرحمن بن عطاء بن (١) أبي لبيبة ، عن عبد الملك بن جابر ، عن جابر بن عبد الله ، قال : كنت عند النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم جالساً فقدّ قميصه من جيبه حتى أخرجه من رجليه ، فنظر القوم إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال : ( إنّي أَمرت ببُدني التي بعثت بها أن تقلّد اليوم وتشعر على مكان كذا وكذا ، فلبست قميصي ونسيت ، فلم أكن لأخرج قميصي من ورائي ). وكان بعث ببُدنه وأقام بالمدينة.
فالجواب : أنّ هذا حديث ضعيف لا يقاوم هذا الصحيح ، قال البخاري : ( عبد الرحمن بن عطاء فيه نظر ) ، وقال الطحاوي : ( قد تواترت الآثار عن عائشة بما لم تتواتر عن غيرها بما يخالف حديث جابر ، وحديث عائشة إسناده صحيح بلا خلاف بين أهل العلم ، ومعه النظر والمعنى ).
____________________
(١) في تهذيب التهذيب : أنه : ابن بنت أبي لبيبة.