تقع غداً في فتنة تنجلي ، فيقال هذا قاتل عثمان ، وهذا قاتل عليّ.
ثمّ أقبل على ابن عباس ، فقال : يا ابن عباس إنّا كنا وإياكم في زمان لا نرجوا فيه ثواباً ولا نخاف عقاباً ، وكنّا أكثر منكم فوالله ما ظلمناكم ولا قهرناكم ولا أخرناكم عن مقام تقدّمناه ، حتى بعث الله رسوله منكم فسبق إليه صاحبكم فوالله ما زال يكره شركنا ويتغافل به عنا ، حتى ولي الأمر علينا وعليكم ، ثمّ صار الأمر إلينا وإليكم ، فأخذ صاحبنا على صاحبكم لسنّه ، ثمّ غيّر فَنَطق ونُطقَ على لسانه ، فقد أوقدتم ناراً لا تطفأ بالماء.
فقال ابن عباس : كنا كما ذكرت حتى بعث الله رسوله منّا ومنكم ، ثمّ ولي الأمر علينا وعليكم ، ثمّ صار الأمر إلينا وإليكم ، فأخذ صاحبكم على صاحبنا لسنّه ولما هو أفضل من سنّه ، فوالله ما قلنا إلاّ ما قال غيرنا ، ولا نطقنا إلاّ بما نطق به سوانا ، فتركتم الناس جانباً وصيّرتمونا بين إن أقمنا متهمّين ، أو نزعنا مُعتَبن ، وصاحبنا من قد علمتم والله لا يهجهج مهجهج إلاّ ركبه ، ولا يرد حوضاً إلاّ أفرطه ، وقد أصبحتُ أحبُ منك ما أحببت وأكره ما كرهت ، ولعلّي لا ألقاك إلاّ في خير ) (١).
وكانت بين معاوية وابن عباس في تلك الفترة قصة :
( كان عقيل بن أبي طالب قد تزوج فاطمة بنت عتبة بن ربيعة ـ برغبة
____________________
(١) أنظر الإمامة والسياسة ١ / ٢٧ مط الأمة سنة ١٩٢٨ م ، مسند أحمد ١ / ٥٧ وهو أوّل حديث فيه من مسند عثمان ، فراجع ، ومرة أخرى ١ / ٦٩.