فقال ابن عباس : ولا على ملّة عثمان ، أنا على ملّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (١).
فسكت معاوية وانقطع مخصوماً ، إذ كان ابن عباس في جوابه موفقاً في التخلص من شرّ أريد به ، فهو لم يخرج من صدق إيمانه في موالاته للإمام عليه السلام إذ كان عليّ عليه السلام على ملّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، كما لم يغفل عن التعريض بعثمان بأنّه ليس على ملّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وأحسب أنّ السؤال والجواب كانا في الشام أمام أولئك الطغام ، الذين أشربوا حبّ العجل وأنشؤا على بغض الإمام عليه السلام وسبّه ، وهذا منه من الأجوبة المسكتة ، التي يبلغ بها حاجته ويدفع بها خصمه.
ولنبدأ بقراءة ما تيسر لي الإطلاع عليه من محاورات عقائدية مع معاوية وأشياعه ، ففيها من فنون الكلام ما تنفع معرفته في أصول الجدل والخصام :
هذه المحاورة ليست هي أوّل لقاء بين ابن عباس وبين معاوية ، بل سبق قبلها لقاء في الشام ، وقد مرّ تحقيق ذلك في الحلقة الأولى في الجزء الخامس ، وقد أخرجها من الفريقين ، جماعة لا يتطرق الريب إلى رواياتهم.
فممن رواها من العامّة :
____________________
(١) حلية الأولياء ١ / ٣٢٩.