( بدايات قطيعة وهجران )
لقد بدأ تنمر معاوية ينمو ويتزايد ، كما توالت مواقف ابن عباس المغاضبة تتصاعد في حجتّها ، وتبدي للناس سيئات معاوية ، وبلغت الذروة حين توترت العلاقات بين ابن عباس ومعاوية من بعد إستشهاد الإمام الحسن عليه السلام وإظهار معاوية الشماتة بموته ، وقد مرّ في الجزء الخامس من الحلقة الأولى حول هذا الموضوع ما يُحسن مراجعته.
وإنّا في المقام نستعيد ما ذكره الزبير بن بكار ( ت ٢٥٦ هـ ) في ( الموفقيات ) فيما حكاه عنه الأربلي ( ت ٦٩٢ هـ ) في ( كشف الغمة ) ، قال :
( وحدّث الزبير ـ بن بكار ـ عن رجاله ، قال : قدم ابن عباس على معاوية ، وكان يلبس أدنى ثيابه ويخفض من شأنه ، لمعرفته أنّ معاوية كان يكره إظهاره لشأنه ، وجاء الخبر إلى معاوية بموت الحسن بن عليّ عليه السلام فسجد شكراً لله تعالى ، وبان السرور في وجهه ـ في حديث طويل ذكره الزبير وذكرت منه موضع الحاجة إليه ـ وأذن للناس وأذن لابن عباس بعدهم ، فدخل فاستدناه وكان قد عرف بسجدته.
فقال له : أتدري ما حدث بأهلك؟
قال : لا.
قال : فإنّ أبا محمّد توفي رحمه الله فعظّم الله لك الأجر.