فلمّا كان العشي خرج معاوية وخرج معه هؤلاء النفر وهو يضاحكهم ويحدّثهم ، وقد ألبسهم الحلل ، فألبس ابن عمر حلّة حمراء ، وألبس الحسين حلّة صفراء ، وألبس عبد الله بن عباس حلّة خضراء وألبس ابن الزبير حلّة يمانية ـ ولم يذكر عن حلّة ابن أبي بكر شيئاً ـ ثمّ خرج بينهم ، وأظهر لأهل الشام الرضا عنهم وأنّهم بايعوا ، فقال : يا أهل الشام إنّ هؤلاء النفر دعاهم أمير المؤمنين فوجدهم واصلين مطيعين وقد بايعوا وسلّموا. قال ذلك والقوم سكوت لم يتكلموا شيئاً حذر القتل ، فوثب أناس من أهل الشام فقالوا : يا أمير المؤمنين إن كان رابك منهم ريب فخلّ بيننا وبينهم حتى نضرب أعناقهم.
فقال معاوية : سبحان الله ما أحلّ دماء قريش عندكم ، يا أهل الشام ، لا أسمع لهم ذكراً بسوء ، فإنّهم قد بايعوا وسلّموا وارتضوني فرضيت عنهم رضي الله عنهم ) (١).
( والله لأتركنّهم عليك خوارج )
( قالوا : ثمّ ارتحل معاوية راجعاً وقد أعطى الناس أعطياتهم وأجزل العطاء ، وأخرج إلى كلّ قبيلة جوائزها وأعطياتها ، ولم يخرج لبني هاشم جائزة ولا عطاء ، وذلك فيما تخيّله سيحمل بني هاشم على الضغط على الحسين عليه السلام ليبايع ، ولكنه فشل في تصوره ، فقد خرج عبد الله بن عباس في أثره حتى لحقه
____________________
(١) الإمامة والسياسة ١ / ١٥٧.