فلنقرأ الخبر ثانية كما مرّ ، لنعرف مدى تميّز الغيظ الذي لحق بمعاوية وعمرو بن العاص من جراء ما كتبا به إلى ابن عباس فلم يبلغا حاجتهما منه ، بل ألحق الندامة بهما :
قبل ذكر الحديث لابدّ من توثيقه ، لأنّ هشام بن عمّار الدمشقي كان يقول للبلاذري وهو من شيوخه : ( هذا الحديث ممّا صنعه ابن دأبكم لأنّ البلاذري رواه عن المدائني عن عيسى بن يزيد ) (١) ـ وهو ابن دأب ـ.
وإذا رجعنا إلى الجاحظ وجدناه يقول : ( يزيد بن بكر بن دأب وكان عالماً ناسباً وراوية شاعراً ، وهو القائل :
الله يعلم في عليّ علمه |
|
وكذاك علم الله في عثمان |
ثمّ قال : وولد يزيد يحيى وعيسى ، فعيسى هو الذي يعرف في العامّة بابن دأب ، وكان من أحسن الناس حديثاً وبياناً ، وكان شاعراً راوية ، وكان صاحب رسائل وخطب ، وكان يجيدهما جداً.
ومن آل دأب حذيفة بن دأب ، وكان عالماً ناسباً. وفي الدأب علم بالنسب والخبر ) (٢).
فهؤلاء بنو دأب ، ومنهم عيسى بن دأب الذي اتهمه هشام بن عمار
____________________
(١) أنساب الأشراف ٢ / ٣١٠ تحـ المحمودي.
(٢) كتاب البيان والتبيين ١ / ٣٢٣ ـ ٣٢٤ تحـ هارون.