محاورته مع عتبة بن أبي سفيان
( قال عتبة بن أبي سفيان لعبد الله بن عباس رضي الله عنه : ما منع عليّاً أن يبعثك مكان أبي موسى الأشعري يوم الحكمين؟
قال : منعه والله من ذلك حاجز القدر ، وقصر المدة ، ومحنة الإبتلاء. أما والله لو بعثني مكانه لاعترضت لعمرو في مدارج نفسه ، ناقضاً ما أبرمه ، ومبرماً ما أنقضه ، أسفُ إذا طار ، وأطير إذا أسف ، ولكن مضى قدر وبقي أسف ، ومع اليوم غد ، والآخرة خير لأمير المؤمنين من الأولى ) (١).
وقالوا : لمّا استتبَّ الأمرُ لمعاوية قدم عليه عبد الله بن عباس ، وهي أوّلُ قدمةٍ قدمها عليه ، فدخل وكأنّه قُرْحَة تتبجس (٢) ، فجعل عتبةُ بن أبي سفيانَ يطيلُ النظر إليه ويقلُّ الكلام معه.
فقال ابن عباس : يا عتبة إنّك لتطيلُ النظر إِليَّ وتقلُّ الكلام معي ،
____________________
(١) جاء ذلك في أمالي المرتضى ١ / ٢٠٧ ، وشرح النهج للمعتزلي ١ / ١٩٥ ، وإعجاز القرآن للباقلاني / ١٢٢ ، والعقد الفريد للملك السعيد / ١١ ، والمنتخب من كناية الأدباء وإشارات البلغاء للقاضي الجرجاني / ١٤٧ ( ت ٤٨٢ هـ ) ، ط السعادة بمصر ١٣٥٦ هـ ، وإسرار البلاغة بذيل المخلاة / ٤ ، وجمهرة خطب العرب ٢ / ٩٢.
(٢) تتبجس : أي تتفجر من قولهم : إنبجس الماء وتبجس : أي تفجّر ( الصحاح / بجس ).