النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أثراً في الخطابة كان هو الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، فهو الذي سنّ الفصاحة لقريش كما قال معاوية في حديثه مع محقن بن أبي محقن الضبي ، وقد كان ابن عباس يقول في وصفه للإمام عليه السلام وقد سأله عنه معاوية كما سيأتي في حديثه : ( رحم الله أبا الحسن كان والله علم الهدى ... وأخطب أهل الدنيا إلاّ الأنبياء والنبيّ المصطفى ... ) (١) ، وهو إمام الخطباء من العرب على الإطلاق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (٢). ويكفي شاهداً ( نهج البلاغة ) معلماً حيّاً قائماً.
وقد روى ابن عباس من خطب الإمام عليه السلام وحكمه في كلمه كثيراً ، إذ كان له ومعه منذ رحلة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى حضور دائم ، وظلّ ملازم ، يحفظ عنه ما يقول ، ويعي منه ما يقصر عن فهمه غيره ، فكان ربيب علمهِ وهو القائل : ( ما أخذت من تفسير القرآن فعن عليّ بن أبي طالب ) (٣). وقال أيضاً في جواب من سأله عن الإمام عليه السلام فأغضبه في مسألته فقال له : ( ثكلتك أمّك ، عليّ علّمني ، وكان علمه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ورسول الله علّمه الله من فوق عرشه ، فعلم النبيّ من الله ، وعلم عليّ من النبيّ ، وعلمي من علم عليّ ، وعلم أصحاب محمد كلّهم في علم عليّ كالقطرة الواحدة في سبعة أبحر ) (٤).
____________________
(١) المعجم الكبير للطبراني ١٠ / ٤٣٩ / ١٠٥٨٩ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ / ٢٤ ـ ٢٥.
(٢) جواهر الأدب للسيد أحمد الهاشمي ٢ / ١٣٤ ط / ١٥ مطبعة السعادة بجوار محافظة مصر.
(٣) مقدمتان في علوم القرآن / ٢٦٤.
(٤) أنظر أمالي الطوسي ١ / ١١ ط النعمان ، ص ٧ ط حجرية ١٣١٣ هـ ، بحار الأنوار ٨ / ٤٦٥ ط حجرية. وقدم في هذه الحلقة من موسوعة عبد الله بن عباس ج١.