أكثر ممّا ينتفع به بنو هاشم عند الناس ، وكم قرأنا شواهد على أنّ الإمام عليّ عليه السلام كان يرى مصلحة الإسلام فوق كلّ شيء وكذلك كان بنو هاشم ، وسيدهم يقول : ( سلامة الدين أحبّ إلينا ).
فكان وجود ابن عباس عند عمر في غالب أوقاته تسديداً لبعض ما ينقصه من علم في غفلاته ، وقرأنا فيما مرّ في الجزء الثاني من الحلقة الأولى عشرة شواهد على قوّة إتصال وثيق وحضور فاعل على الصعيدين العلمي والسياسي ، بحيث كان غيابه يؤثر على المؤسسة الحاكمة ، فلتراجع وتقرأ بإمعان ، لنعرف أنّ تبادل مصالح عامّة ومصالح خاصة هي التي قربت بين الرجلين ، فحصل بعض التناغم وإن لم يحصل تمام التفاهم ، وكان كلّ منهما مغبوطاً على صحبة الآخر ، صحبة الصديق للصديق.
فإلى قراءة نماذج من محاورات احتجاجية جرت بينهما من دون تعليق.
نماذج من احتجاجاته على عمر بن الخطاب
أخرج أحمد بن أبي طاهر صاحب ( تاريخ بغداد ) في كتابه مسنداً عن ابن عباس ، قال : ( دخلت على عمر في أوّل خلافته وقد ألقي له صاع من تمر على خصفة (١) ، فدعاني إلى الأكل ، فأكلت تمرة واحدة ، وأقبل يأكل حتى أتى عليه ، ثم شرب من جرّ كان عنده ، واستلقى على مرفقة له ،
____________________
(١) الخصفة : الجلة تعمل من الخوص يوضع فيها التمر.