مع الخوارج
لقد ظهر أسم الخوارج والمحكّمة من حين التحكيم في واقعة صفين ، فهم الذين قبلوا به واضطروا الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام إلى قبوله ، وبالرغم من تحذيره لهم من مغبَة العاقبة ، ولكنهم أصروا عناداً ، وازدادوا عتواً ونفوراً حين لم يرضوا إلاّ بتحكيم أبي موسى الأشعري ، ورفض من أراد الإمام تحكيمه كعبد الله بن عباس أو الأشتر أو الأحنف ، ولكنّهم أكرهوه على قبول الأشعري حَكَماً ، ثم سرعان ما نقضوا ما أبرموا ، ونكصوا عما دبّروا وأعلنوا ، ولكن بعد فوات الأوان ، إذ أن وثيقة الصلح يمتد أمدها إلى ستة أشهر على أن يجتمع الحكمان فيحكمان بما في كتاب الله تعالى ، وهذا ما رفضه الخوارج وهم بعدُ في صفين ، وأعترفوا بخطأهم وطلبوا من الإمام عليهالسلام أن ينقض عهده ووعده قبل أن يأتي موعد التحكيم وينظر في نتيجته ، فأنخزلوا عنه عند رجوعه إلى الكوفة ، ففارقوه ونزلوا حروراء ، ومنذ ذلك الحين سمّوا بالحرورية ، وبدأت محاولات الإمام عليهالسلام لإستصلاحهم بإرسال من يعظهم ويحاججهم ، وكان رجل الساعة والساحة هو ابن عمه عبد الله بن عباس ، الذي مرّت في الحلقة الأولى قراءة بعض مواقفه ومشاركته فيها ، ومواقفه معهم ، فهم ومن ذلك الحين صاروا يعرفون ابن عباس جيداً ، رجل علم وسياسة ، ورجل الجدال والنزال ، وكلّما مرّت السنون سراعاً في أيامها ،