فرجعوا معه وهم ستة آلاف ، لمّا استقروا بالكوفة أشاعوا أنّ عليّاً رجع عن التحكيم ورآه ضلالاً ، وقالوا : إنّما ينتظر أمير المؤمنين أن يسمنَ الكراع ويُجبى المال ، فينهض إلى الشام.
فأتى الأشعث بن قيس عليّاً عليهالسلام فقال : يا أمير المؤمنين إنّ الناس قد تحدثوا أنّك رأيت الحكومة ضلالاً ، والإقامة عليها كفراً؟
فخطب عليّ الناس ، فقال : ( من زعم إنّي رجعت عن الحكومة فقد كذب ، ومن رآها ضلالاً فهو أضلّ ).
فخرجت الخوارج من المسجد فحكّمت. فقيل لعليّ : إنّهم خارجون عليك.
فقال : ( لا أقاتلهم حتى يقاتلوني وسيفعلون ).
فوجّه إليهم عبد الله بن العباس ... ) (١).
أقول : لعن الله الأشعث بن قيس ، فقد كان كما تخيّله أبو بكر من قبل يوم أتي به أسيراً بعد ردّته ، فقد قال أبو بكر في مثلثاته : ( وأما اللاتي تركتهنّ ، فوددت أنّي يوم أتيت بالأشعث بن قيس أسيراً كنت ضربت عنقه ، فإنّه تخيّل إليّ أنّه لا يرى شراً إلاّ أعان عليه ) (٢).
ب ـ توثيق المحاورة :
والآن فلنقرأ ما رواه ابن عباس عما جرى له مع أولئك المحكمة وهم في الكوفة وقد اعتزلوا في دار ، ولنوثق ذلك أوّلاً ، وحديثه رواه النسائي في
____________
١ ـ الكامل للمبرد ٣ / ٢١٠.
٢ ـ أنظر كتاب المحسن السبط مولود أم سقط / ٢٠٢ ، فما بعدها تجد المصادر من كتب السنّة ، فراجع.