فأوّلهم : نافع بن الأزرق
وكان من المتشددين في مذاهبهم ، وهو أوّل من أحدث الخلاف بينهم ، ففارقه النجدات أتباع نجدة بن عويمر ـ عامر ـ وغيرهم ، وبقي معه طائفة هم الأزارقة ، ولهم تطرّف في سلوكهم مع باقي المسلمين ، فيرون كما يقول الأشعري : ( أنّ كلّ كبيرة كفر ، وأنّ الدار دار كفر ـ ويعنون دار مخالفيهم ـ وأنّ كلّ مرتكب معصية كبيرة ففي النار خالداً مخلداً ، ويكفرون عليّاً ـ رضياللهعنه ـ في التحكيم ، ويكفرون الحكمين ـ أبا موسى وعمرو بن العاص ـ ويرون قتل الأطفال ) ، ( ويرون أنّ أطفال المشركين في النار ، فإنّ حكمهم حكم آبائهم ، وكذلك أطفال المؤمنين حكمهم حكم آبائهم ) ، إلى غير ذلك من مقالات شاذة (١) ...
( محاورات نافع مع ابن عباس )
وكان جريئاً على ابن عباس ، فقد كانت تبدر منه الكلمة النابية ، فيغضي
____________
١ ـ راجع بشأنها : مقالات الإسلاميين واختلاف المصلّين ١ / ١٥٩ ـ ١٦٢ ، لأبي الحسن الأشعري ت ٣٣٠ هـ ، بتحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ط مصر ١٣٦٩ هـ ، التنبيه والرد / ٥٦ و ١٦٧ ، للملطي ت ٣٧٧ هـ ط الأولى١٣٦٩ هـ ، ولمعرفة المزيد عن نافع بن الأزرق ، فراجع شرح نهج البلاغة ٤ / ١٣٦ ، لابن أبي الحديد ، بتحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ، ستجد قول ابن أبي الحديد عنه : ( وكان شجاعاً مقدماً في فقه الخوارج ، واليه تنسب الأزارقة ، وكان يفتي بأن الدار دار كفر ، وأنهم جميعاً في النار ، وكل من فيها كافر ، إلا من أظهر إيمانه ، ولا يحلّ للمؤمنين أن يجيبوا داعياً منهم إلى الصلاة ، ولا أن يأكلوا من ذبائحهم ، ولا أن يناكحوهم ، ولا يتوارث الخارجي وغيره ، وهم مثل كفار العرب وعبدة الأوثان ، لا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف ... فتفرق عنه جماعة من الخوارج ).