موقفه من القدرية
والقدرية هم الذين نفو القَدرَ لا الذين أثبتوه ، فأولئك يلتقون مع الجبرية في سوء المقالة ، أمّا نفاة القدر فهم كالمفوّضة ، لذا كانوا هم أولى بهذا اللقب ، ومهما يكن فقد سمّوا في الحديث ( مجوس هذه الأمّة ) ، وهؤلاء كانوا الفريق المقابل والمناوئ للجبرية ، وقد أخطأوا حين قالوا بالإرادة ومحض الإختيار ، تفويضاً إلى الإنسان من دون أي أثر للمشيئة الإلهية وإذنه ، فإفراطهم في نفي المشيئة من الله إنّما كان مقابل تفريط الجبرية في تعطيل الإرادة الإنسانية في أقواله وأفعاله ، وأنّه مجبور على ما يصدر منه ، وهكذا تجاذبت الفرقتان بين الإفراط والتفريط ، ولم يسلم من هذا التجاذب إلاّ الوسط المعتدل من المسلمين ، وفي مقدمتهم أهل البيت عليهمالسلام وشيعتهم القائلون : ( لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين ).
والى القارئ حديث الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام مع الشيخ الكوفي الذي سأله عن القضاء والقدر ، وهذا ممّا رواه ابن عباس كما في ( عيون أخبار الرضا ) في هذا ، ثم حديث الإمام الرضا عليهالسلام أيضاً ، ومن ثَمَّ نعرف سبب شدّة ابن عباس ضد القدرية.
فقد روى الشيخ الكليني في كتاب ( الكافي ) ، فقال :
( علي بن محمد ، عن سهل بن زياد وإسحاق بن محمد وغيرهما