في عدد من المواضع التي تقرأ من هذه النصوص ، يشعر القارئ بالأسى نتيجة الظلم الذي يقع على الهندي الأحمر ، ويشعر بمدى احتقار الذين يغزون بلاده له ، ولكن الأمر الأشد إيلاماً ، هو أنهم من الزعيم وحتى أصغر المحاربين ، يخسرون المعارك بأشكال متتالية ، ويفنون بأشكال متتالية ، كما عبر أحدهم مثل موج البحر ، لكنهم يلتصقون بعدم التخلي عن ذاك الذي شكل مقدساً ، ولا نقصد أي معنى هنا مخالف لروح الأديان ، إنما لا نعتقد أنّ الله سبحانه يتخلّى عن مخلوقاته ، مثلما قرأنا في ورقة زعيم « دواميش » ، وإنما الذي يجري هو التقيد بنظام الحرب وفق المنهج الذي رسمه الشيوخ القدماء ، وهو بلغ كذلك رتبة التقديس ، فاستغل الأبيض بقاء هذا الإيمان وراح يفني القبائل.
إذاً لقد شكلت هذه الظواهر عائقاً كبير في طريق الصفاء الذي يقود نحو منازل رفيعة ، يتخلصون مع الالتفات إليها مما هو ضار بالضرورة وينجون ـ أي جميع الناس ـ وليس فقط هذا القوم أو ذاك ـ من الذي أشار إليه القرآن الكريم في مقام توارث العقائد بدون هدىً حين قوله : ( قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا ) (١) ، بل هي شاملة للعنصر الإنساني جميعاً.
وإذا دلّ تمسك المجتمع بما لا تحمد عواقبه ، فإنّما يدل على
__________________
١ ـ المائدة : ١٠٤.