صلابة الجدار الذي شيّد فيما بين الثبات على نمط أخذ شكل التقديس ، وبات معه التغيير أمر في غاية التعقيد والصعوبة ، وما بين تطلع الذات وطموحها الذي تصعب الإحاطة النهائية به ، ويصعب حصره.
وهذا الجدار من الصلابة بحيث يستمر مع الأجيال تتوارثه وتقدسه ، وكلما أوغل في القدم كلما ازدادت قسوته وقوته ، وازدادت صعوبة اختراقه ، ويقول القرآن الكريم على لسان أنصار هذا الجدار : ( إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ) (١).
ونعتقد بصدد عدم الخروج عما يورثه الآباء للأبناء ، وبالخصوص في مسألة العقائد والقيم التي تعتنقها الفئات والمجتمعات أحياناً ، أنّها تبلغ مع التقادم من الرسوخ ما يجعل صاحبها غاضاً بصره عن أي مناقشة تؤثر في بنيتها ، خصوصاً إذا كان ثمة سؤال يحفر في أعماقها ، ويصل مع هذا الغض إلى الانغلاق أمام أية مكاشفة محتملة ، بل ويشكل حاجزاً دفاعياً غير قابل للتسامح أو الأخذ والرد ، لماذا ..؟ لأن هذا الكائن البشري ما عاد يصغي إلى ندائه الداخلي ، وبالتالي فقد أراح نفسه من مشقة البحث وعناء التطلع إلى ما يمكن أن ينشئ جسراً أكثر حيوية وواقعية ، بين واقعه وبين ما تصبوا إليه
__________________
١ ـ الزخرف : ٢٣.