ربك مقاما محمودا » (١) فطوبى لمن كان في ذلك المقام حظ ونصيب ، وويل لمن لم يكن له في ذلك المقام حظ ولا نصيب.
ثم يجتمعون في موطن آخر ويدال بعضهم عن بعض ، وهذا كله قبل الحساب فاذا أخذ في الحساب شغل كل إنسان بما لديه ، نسأل الله بركة ذلك اليوم ، قال : فرجت عني فرج الله عنك يا أمير المؤمنين ، وحللت عني عقدة فعظم الله أجرك.
فقال عليه السلام : : وأما قوله عزوجل : « وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة » (٢) وقوله : « لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار » (٣) وقوله : « ولقد رآه نزلة اخرى عند سدرة المنتهى » (٤) وقوله : « يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا * يعلم مابين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما » (٥) فأما قوله : « وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة » فان ذلك في موضع ينتهي فيه أولياء الله عزوجل بعد مايفرغ من الحساب إلى نهر يسمى الحيوان ، فيغتسلون فيه ، ويشربون منه ، فتنضر وجوههم إشراقا ، فيذهب عنهم كل قذى ووعث ، ثم يؤمرون بدخول الجنة ، فمن هذا المقام ينظرون إلى ربهم كيف يثيبهم ، ومنه يدخلون الجنة فذلك قول الله عزوجل في تسليم الملائكة عليهم : « سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين » (٦) فعند ذلك أيقنوا بدخول الجنة والنظر إلى ماوعدهم ربهم فذلك قوله : « إلى ربها ناظرة » وإنما يعني بالنظر إليه النظر إلى ثوابه تبارك وتعالى.
وأما قوله : « لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار » فهو كما قال : لا تدركه الابصار ولا تحيط به الاوهام ، وهو يدرك الابصار ، يعني يحيط بها ، وهو اللطيف الخبير ، وذلك مدح امتدح به ربنا نفسه تبارك وتعالى وتقدس علوا
__________________
(١) أسرى : ٧٩.
(٢) القيامة : ٢٢ ٢٣.
(٣) الانعام : ١٠٣.
(٤) النجم : ١٣ ١٤
(٥) طه : ١٠٩.
(٦) الزمر : ٧٣.