المسيحية.
وكما أوردنا فإن المؤسس العلني لها وبشكلها الموجود الآن هو ( أثناسيوس ) ، ولم تقبلها الكنيسة إلا بعد مناقشات وجدال طويل في مجمع نيقية سنة ٣٢٥ ميلادي ، وأعدتها في هذا القالب الذي بين أيدينا الآن ، فهي نتيجة الخيال البشري ، ولهذا فأنا نجد فيها التناقض الكثير ( حتى أنه قيل أن ( أثناسيوس ) وهو الأب الذي صاغ هذه العقيدة قد أعترف بأنه كلما كتب أكثر حول هذه المسألة أصبح أقل قدرة على التعبير بوضوح عن أفكاره بخصوصها ) (١).
فالقول بأن هذه العقيدة يجب أن تقبل لأن الوحي قد جاء بها أمر غير صحيح أطلاقا والدليل على ذلك أن علماء المسيحية أنفسهم كانوا مختلفين فيها ، والباحث في المذاهب المسيحية في القرنين الأول والثاني ، يجد كثرة الآراء المتضاربة حول شخصية المسيح ( عليه السلام ).
بل وحتى بعد قبول هذه العقيدة رسميا ، ومعاقبة كل مخالف لها ، وبالرغم من عمليات تفتيش العقائد ، والقتل والسجن التي مارستها الكنيسة ، والتي يذكرها التاريخ ، فإن صيحات المعارضة لها كانت تعلو بين الحين والآخر ، معلنة بأن هذه العقيدة غير مقبولة عقلا ، وأن المسيح ( عليه السلام ) لم ينطق بها.
__________________
(١) نظرة عن قرب في المسيحية : ٣٨.