فرقة الكاثوليك الأب ( تالو ) والقس ( كوركز ) وغيرهم من المعلمين التاركين للدنيا.
وفي سن الثانية عشرة أكملت الدراسة الأولية وتخرجت بدرجة قسيس ، وبعد ذلك أحببت التوسع في البحث عن العقائد والملل المختلفة ، ولا سيما المذاهب المسيحية ، وطفت البلدان الكثيرة من أجل العلم إلى أن انتهى بي المطاف عند عظيم القساوسة ، المطران صاحب المقام الرفيع في فرقة الكاثوليك ، وكان صاحب منزلة وشأن عظيم ومشهورا في ذلك المذهب بعلمه وتقواه وزهده ، بحيث أن الملوك والسلاطين والأشراف والرعية من فرقة الكاثوليك كانوا يلجؤون إليه في سؤالاتهم الدينية وينهلون منه معالم دينهم ، ويبعثون إليه بالهدايا الكثيرة ، ويتشرفون بالتبرك به.
وقد تعلمت الأصول والعقائد للمذاهب المختلفة عند هذا العالم الجليل ، وكان يحضر درس هذا الأستاذ أيضا الكثير من التلاميذ وكان يصل عددنا تقريبا إلى خمسمائة تلميذ وبيننا الكثير من الأخوات التاركات للدنيا الراهبات ، وكانت لي مع العالم علاقة خاصة ، إذ كان له أنس ومحبة واهتمام خاص بي ، ولهذا فقد سلمني مفاتيح المدرسة ( المسكن والمخزن وغيرها ) كلها باستثناء مفتاح لغرفة صغيرة خاصة به ، وكنت أظن أن فيها أمواله الشخصية ، ولذا كنت أحدث نفسي وأقول أن هذا العالم الجليل الزاهد في الظاهر لعله من أهل الدنيا وأنه ( ترك الدنيا للدنيا ) ...