وامتدت مدة دراستي عنده إلى السنة الثامنة عشرة تقريبا ، وفي أحد الأيام نزل بالمطران الكبير مرض أقعده عن الدرس في ذلك اليوم ، وأمرني أن أبلغ التلاميذ بأنه لا يستطيع حضور الدرس ، لأن مزاجه لا يساعد على التدريس ، وفعلا خرجت إلى التلاميذ لا بلاغهم أمر الأستاذ ، فرأيت التلاميذ مجتمعين يتباحثون في مسألة علمية ، وكان حديثهم يدور حول كلمة ( فارقليطا ) في السرياني و ( پيرقليطوس ) باليوني ، الذي ذكرها ( يوحنا ) في إنجليه نقلا عن المسيح ( عليه السلام ). وكثر الجدال والنقاش حول هذه الكلمة ، واختلفت الآراء في معنى هذه الكلمة ، وانتهى النقاش وانصرف التلاميذ دون الوصول إلى نتيجة ...
وبعدها رجعت إلى غرفة المطران الأعظم فسألني : يا بني عند غيابي اليوم بأي موضوع تباحثتم؟ فذكرت له أن التلاميذ اختلفوا في معنى كلمة ( فارقليطا ) وأوضحت له الآراء التي طرحها التلاميذ في هذه المسألة فسألني : وما كان رأيك في هذه الكلمة؟ فأجبته بأنني قد اخترت قول المفسر الفلاني. فقال لي لست مقصرا ، ولكن الحق خلاف هذه الأقوال جميعا ، لأنه لا يعرف معنى تفسيرها هذا الاسم الشريف في زماننا إلا القليل من الراسخين في العلم ، فدنوت منه وجلست عند قدميه ، واستعطفته قائلا : أيها الأب الأعظم ، إنك تعلم شدة تعصبي للمسيحية ، وإني قد صرفت عمري من أوله إلى الآن في طلب العلم وتحصيله ، فماذا يحدث لو تتفضل وتتلطف علي ، وتوضح