بعده ، وهو أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يتوقىٰ بعض التوقي ويستخفي ببعض ما يؤمر به علىٰ نحو ما كان عليه قبل الهجرة ، فلما فتح الله عليه مكة ، وأفشىٰ الاسلام ، أمره أن يبلغ ما أُرسل إليه مجاهراً به غير متوق ولا هائب ولا متألّف . وقيل له : إن أنت لم تفعل ذلك علىٰ هذا الوجه لم تكن مبلغاً لرسالات ربك ، ويشهد لهذا قوله بعد : ( وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) أي : يمنعك منهم (١) .
وقال الفخر الرازي : وروي أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان أيام إقامته بمكة يجاهر ببعض القرآن ويخفي بعضه إشفاقاً علىٰ نفسه من تسرع المشركين إليه وإلىٰ أصحابه ، فلما أعز الله الاسلام وأيده بالمؤمنين قال له : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) أي لا تُراقبنَّ أحداً ولا تترك شيئاً مما أنزل إليك خوفاً من أن ينالك مكروه (٢) .
يتبيّن مما سبق أن روايات أهل السنة أيضاً تحمل إتهام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالمخالفة وعدم امتثال أمر ربه إبتداءً .
أما بشأن نزول الآية في ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي
_______________
(١) المسائل والاجوبة في الحديث والتفسير : ٢٢٢ .
(٢) التفسير الكبير ١٢ / ٤٩ .