ثمانية عشر عاماً على أكثر التقادير وأشهر الروايات ، ولم تعاشر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سوى ستّ أو ثمان سنوات على اختلاف الرّواة ، قضتْ السنوات الأُولى منها تلعب ألعاب الأطفال وهي زوجة النبىّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهي كما وصفتها بريرة جارية رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عندما قالت في عائشة : « إنّها جارية حديثة السنّ تنام عن العجين فتأتي الدّاجنُ فتأكُله » (١).
نعم ، ثمانية عشر عاماً لفتاة بلغت سنّ المراهقة كما يقال اليوم ، وقضت نصف عمرها مع صاحب الرسالة ، وبين ضرّات يبلغ عددهن عشر أو تسع زوجات ، وهناك امرأة أُخرى أغفلنا ذكرها في حياة عائشة ، وكانت أشدّ عليها من كلّ ضرّة ، لأنّ حبّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لها فاق التصوّر ، وهذه المرأة هي فاطمة الزهراء ربيبة عائشة ابنة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من خديجة ، وما أدراك ما خديجة الصدّيقة الكبرى التي سلّم عليها جبرئيل ، وبشّرها ببيت لها في الجنّة لا صخَب فيه ولا نصب (٢).
والتي كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يدع مناسبة تفوته إلاّ ويذكر خديجة ، فيتفطر كبد عائشة ويحترق قلبها غيرة ، فتثور ثائرتها وتخرج عن أطوارها ، فتشتم بما يحلو لها ، ولا تبال بعواطف زوجها ومشاعره.
ولنستمع إليها تحدّث عن نفسها بخصوص خديجة ، كما روى البخاري ، وأحمد ، والترمذي ، وابن ماجة ، قالت : ما غرتُ على امرأة لرسول الله كما
____________
(١) صحيح البخاري ٣ : ١٥٦ ، كتاب الشهادات ، باب تعديل النساء بعضهن بعضاً.
(٢) صحيح البخاري ٤ : ٢٣١ ، صحيح مسلم ٧ : ١٣٣ ، باب فضائل أم المؤمنين خديجة.