إنّهم يريدون تشكيك النّاس في دينهم ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إذا وصل بكم الحديث إلى أصحابي فامسكوا ، فوالله لو انفقتم مثل أحد ذهباً لما بلغتم معشار معشار أحدهم ».
وقاطعه أحدُ المستبصرين كان يصحبني قائلا : هذا الحديث غير صحيح ، وهو مكذوب على رسول الله!
وثارت ثائرة الإمام وبعض الحاضرين ، والتفتوا إلينا منكرين مشمئزّين ، فتداركتُ الموقف متلطّفاً مع الإمام وقلت له : يا سيّدي الشيخ الجليل ، ما هو ذنب المسلم الذي يقرأ في القرآن قوله : ( وَمَا مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أفَإنْ مَاتَ أوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ ) (١)؟
وما هو ذنب المسلم الذي يقرأ في « صحيح البخاري » ، وفي « صحيح مسلم » قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأصحابه : « سيؤخذ بكم يوم القيامة إلى ذات الشمال ، فأقول : إلى أين؟ فيقالُ : إلى النّار والله ، فأقول : يا ربّ هؤلاء أصحابي ، فيقال : إنّك لا تدري ما احدثوا من بعدك ، إنّهم لا يزالوا مرتدّين منذُ فارقتهم ، فأقولُ : سحقاً سحقاً لمن بدّل بعدي ، ولا أرى يخلصُ منهم إلاّ مثل همل النّعم » (٢).
وكان الجميع يستمعون إلىَّ في صمت رهيب ، وسألني بعضُهم إن كنت
____________
(١) آل عمران : ١٤٤.
(٢) صحيح البخاري ٧ : ٢٠٩ ، كتاب الرقاف ، باب الحوض ، وكتاب الفتن ، صحيح مسلم ٧ : ٦٦ ، كتاب الفضائل ، باب إثبات حوض نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم.