وهذا أمرٌ آخر لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقابله الصّحابة بالرفض والعصيان ، وبانتقاص النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
مع الملاحظة بأنَّ عمر بن الخطاب قال بحضرة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لمّا طلب منهم إحضار الكتف والدّواة ليكتب لهم الكتاب الذي يمنعهم من الضّلالة قال : إنّ رسول الله يهجُرُ ، بمعنى يهذي ـ والعياذ بالله ـ.
ولكنّ البخاري هذّب تلك العبارة وأبدلها بـ « غلبه الوجع »; لأنّ قائلها عمر بن الخطّاب!! وتراه إذا أهمل اسم عمر في الرواية قال : فقالوا : هجر رسول الله ، وهذه أمانة البخاري في نقل الحديث ( وسوف نعقد له باباً خاصّاً ).
وعلى كلّ حال ، فإنّ أكثر المحدّثْين والمؤرّخين ذكروا بأنّ عمر بن الخطاب قال : إنّ رسول الله يهجرُ (١) ، وتبعه كثير من الصّحابة فقالوا مقالته
____________
(١) ذكر ذلك كلّ من الغزالي في سرّ العالمين : ٤٠ ، سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص : ٦٥ ، ابن الأثير في النهاية ٥ : ٢٤٥ ، الجوهري في السقيفة وفدك ، كما في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٦ : ٥١ ، ابن تيمية في منهاج السنة ٦ : ٢٤ ، ٣١٥ تحقيق محمّد رشاد سالم.
لكن صاحب كتاب كشف الجاني : ١٣٤ يضع رأسه في الرمل كالنعامة عند الوصول إلى هذ النقاط الخطرة ، والتي تقلب الصورة المصطنعة عنده وعند غيره لعمر بن الخطّاب ، فأخذ كعادته بالاستهزاء والسخرية ، والتهجّم على المؤلّف وعموم الشيعة ، ونسبته عدم العقل إليهم ، مع أنّ إمامه ابن تيمية يقرّ بذلك ويعترف بأنّ الذي قالها عمر بن الخطّاب!! فليس أمام عثمان الخميس إلاّ خيارين وأحلاهما مرٌّ وهو : إمّا القول بأنّ عمر بن الخطاب لم يقل ذلك ـ وهو غير صحيح ـ وفي ذلك ردّ على شيخه ابن تيمية!! وإمّا القول بأنّ عمر بن الخطّاب