وإذا كان القوم قد نزعوا السّلاح ، وأعلنوا إسلامهم ، وغلبوا صاحبهم الذي أقسم أن لا يضع سلاحه حتّى أقنعوه كما اعترفت به يا عقّاد ، فما هو عذر خالد للغدر بهم وقتلهم صبراً وهم عُزّل من السلاح؟
وقد قلتَ بأنّ خالد أمر بهم فكُتّفوا وعرضهم على السّيف ، وهذه عقدة أُخرى ما أظنّك قادراً على حلّها يا عقّاد ، وهل الإسلام أمر المسلمين بقتل من لم يقاتلهم على فرض أنّهم لم يُعلنوا إسلامهم ، كلا فهذه حجّة المستشرقين أعداء الإسلام والتي يروّجونها اليوم.
ثمّ اعترفت مرّةً أُخرى بأنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يأمره بقتال القوم ، إذ قُلتَ : بأنّ المهاجرين والأنصار أنكروا على خالد أن يقتل أحداً غير مأمور من النّبي عليهالسلام بالقتال ، فما هو عُذرك ـ يا عقّاد ـ في التماس العذر لخالد؟
ويكفينا ردّاً على العقّاد ، أنّه أبطل أعذاره بنفسه وناقضها بأكلمها حين اعترف بقوله :
« وقد عمّ النّكير على الحادث بين أجلاّء الصحابة ، من حضر منهم السرية ومن لم يحضرها » ، فإذا كان أجلاّء الصّحابة شدّدوا النّكير على خالد حتّى هربوا من جيشه ، واشتكوه للنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإذا كان عبد الرحمن بن عوف قد اتّهم خالداً بقتل القوم عمداً ليدرك ثأر عمّيْه كما شهد بذلك العقّاد ، وإذا كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد رفع يديه إلى السماء ، وقال ثلاث مرّات : « اللّهمّ إنّي أبرأ إليك ممّا صنع خالد بن الوليد » ، وإذا كان النّبي بعث بعليّ ومعه أموالٌ ، فودّى لبني جذيمة دماءهم وما أُصيب من أموالهم حتى استرضاهم ـ كما شهد العقاد ـ ; فكلّ هذا يدلّ على أنّ القوم أسلموا ، ولكنّ خالد