الصّـحابة الأولين ، فغدر ـ أيضاً ـ بمالك بن نويرة وقومه ، ولمّا وضعوا السّلاح أمر بهم فكُتّفوا وضرب أعناقهم صبراً ، ودخل بزوجة مالك ليلى أم تميم في نفـس الليلة التي قتل فيها بعلها ، ولمّا وقف عمر بن الخـطاب يقتص منه وقال له : قتلت امرئاً مسلماً ثمّ نزوتَ على زوجته!! والله لأرجُمنّك بأحجارك يا عدوّ الله! وقف أبو بكر إلى جانب خالد وقال لعمر : إرفع لسانك عن خالد فإنّه تأوّل فأخطأ (١).
وهذه قضية أُخرى يطول شرحها ويقبحُ عرضُها ، فكم من مظلوم يهضم حقّه; لأنّ ظالمه قوىٌّ عزيز ، وكم من ظالم يُنصَرُ ظلمه وباطله; لأنّه غنىٌّ ومقرّبٌ للجهاز الحاكم!! فهذا البخاري عندما يستعرض قصّة بنو جذيمة يبترها بتراً ويقول : بعث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم خالداً إلى بني جذيمة فدعاهم إلى الإسلام ، فلم يُحسنوا أن يقولوا أسلمنا ، فجعلوا يقولون : صبأنا صبأنا.
فهل كان بنو جذيمة فرس أم أتراك أم هنود وألمان ، حتى لا يحسنوا أن يقولوا أسلمنا يا بخاري؟! أم هم من القبائل العربية التي نزل القرآن بلغتهم؟ ولكن التعصّب الأعمى والمؤامرة الكبرى التي حيكت للحفاظ على كرامة الصحابة هي التي جعلت البخاري يقول مثل هذا القول ليبرّر فعل خالد بن الوليد!!
وهذا العقّاد ـ أيضاً ـ يقول : فسألهم خالد أمسلمون أنتم؟ ثم يقول العقّاد :
____________
(١) راجع بألفاظه المختلفة : تاريخ الطبري ٢ : ٥٠٤ ، أُسد الغابة ٤ : ٢٩٥ ، البداية والنهاية ٦ : ٣٥٥ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٧ : ٢٠٦ ، تاريخ خليفة بن الخياط ٦٨ ، الإصابة لابن حجر ٥ : ٥٦٠.