سبحانك اللهمّ وبحمدك! لقد أوقفني كلامك في القرآن الكريم على حقائق كان من الصعب علىّ فهمها والاعتقاد بها ، وكنت كلّما قرأتُ : ( وَلَقَدْ ذَرَأنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الجِنِّ وَالإنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا اُوْلَئِكَ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أضَلُّ اُوْلَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ ) (١).
أتعجّبُ في نفسي وأقول : كيف يكون ذلك؟ أيمكن أن يكون الحيوان الأبكم أهدى من هذا الإنسان؟! أيمكن أن ينحتَ الإنسانُ حجراً ثمّ يعبدُهُ ويطلب منه الرزق والمعونة؟ ولكن والحمد لله زال عجبي عندما تفاعلتُ مع النّاس ، وسافرت إلى الهند ، ورأيتُ العجب العجاب ، رأيت دكاترة في علم التشريح يعرفون خلايا الإنسان ومكوّناته ، ولا يزالون يعبدون البقر ، ولو اقترف هذا الإثم الجاهلون من الهندوس لكان عذرهم مقبول ، ولكن أن ترى النخبة المثقّفة منهم يعبدون البقر والحجر والبحر والشمس والقمر فما عليك بعد ذلك إلاّ أن تسلّم وتفهم مدلول القرآن الكريم بخصوص البشر الذين هم أضلّ من الحيوان!!
أخرج البخاري في جزئه الثاني في باب ما أُدّيت زكاتُه فليس بكنز ، عن الأحنف بن قيس قال : جلست إلى ملاً من قريش ، فجاء رجلٌ خشِنُ الشعر والثياب والهيئةِ حتّى قام عليهم فسلّم ثمّ قال : بشّر الكانزين برضْف يُحمى عليه في نار جهنم ، ثم يوضع على حلَمة ثديِ أحدهم يخرج من نُغضِ كتفِهِ ، ويوضَعُ على نُغضِ كتفِهِ حتى يخرجَ من حلمة ثديه يتزلزلُ ، ثُمّ
____________
(١) الأعراف : ١٧٩.