وإظهار الحقّ لكلّ من يرغب فيه ، متوخّين في ذلك أُسلوب القرآن الكريم; إذ يتحدّى فيقول : ( ... قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ ) (١).
والبرهان والحجّة لا يُفرضان بالقوّة ولا بالأموال ، ولا يطرحان بوسائل الترغيب والترهيب عند الأحرار الذين باعوا أنفسهم لله وحده ، ولم ولن يرضوا بديلا للحقّ ، ولو كلّفهم ذلك إزهاق النّفوس.
فيا ليت علماء الأُمّة اليوم يعقدون مؤتمراً ليبحثوا فيه هذه المسائل بقلوب متفتّحة ، وعقول واعية ، ونفوس صافية ، ويخدمون بذلك الأُمّة الإسلامية ، ويعملون على لَمِّ شتاتها ، وتضميد جراحاتها ، وتوحيد صفوفها ، وجمع كلمتها.
إنّ هذه الوحدة قادمة لا محالة أحبّوا أمْ كرهوا; لأنّ الله سبحانه رصد لها إمَاماً من ذريّة المصطفى سيملؤها قسطاً وعدلا كما ملئتْ ظلماً وجوراً ، وهذا الإمام هو من العترة الطاهرة ، وكأنّ الله سبحانه جلّت حكمته يمتحنُ هذه الأُمّة طيلة حياتها ، حتى إذا قرب أجلُها كشف لها عن خطأ اختيارها ، وأعطاها فرصة للرجوع إلى الحقِّ ، واتباع النهج الأصيل الذي دعا إليه محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، الذي كان يقول : « اللهمّ أهدِ قومي فإنّهم لا يعلمون » (٢).
وإلى أن يحين ذلك الوقت أقدّم كتابي هذا « فاسألوا أهل الذكر » ، وهو جملة من الأسئلة مع الإجابة عليها من خلال مواقف وتعاليم أئمّة أهل البيت سلام الله عليهم ، عسى أن يستفيد منها المسلمون في كلّ البلاد
____________
(١) البقرة : ١١١.
(٢) الشفا للقاضي عياض ١ : ١٠٥ ، الدر المنثور ٢ : ٢٩٨ ، تفسير ابن كثير ٣ : ٥٧٥.